هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

محطة القطار .......!

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1محطة القطار  .......! Empty محطة القطار .......! الجمعة يونيو 20, 2008 6:10 am

hazen nablus


نائب المدير العام
نائب المدير العام

كنت أتفحص جريدة الصباح عندما سمعت صوت المراقب يسألني عن التذكرة, بحثت عن التذكرة في جيب معطفي, ثواني وجعلته يلقي عليها نظرة خاطفة. انزاح من أمامي ليقف خلفي ويسأل الآخرون عن تذاكرهم. رميت بنظرة خاطفة على الكراسي, كانت عيناي تبحث عنه, وبخيبة أمل عدت أتفحص الجريدة في صمت.

عندما وصلت الى الطابق السفلي من المحطة ألقيت نظرة خاطفة على الساعة, كانت تشير الى السابعة وخمسون دقيقة. كان أمامي عشرة دقائق قبل أن أباشر بعملي, اتجهت الى مقهى المحطة لأشرب كوب قهوة ساخن. كانت المحطة تزداد ازدحاما بعد كل دقيقة تمر, لم يكن أحد يلقي نظرة حوله, فكل واحد يسرع للحاق بالقطار, أو مغادرة المحطة باتجاه مقر عمله.

كنت أتفحص تلك المرأة الجالسة أمامي عندما سمعت أحد ما ينادي باسمي, التفت الى مصدر الصوت, فوجئت بشاب يبتسم في وجهي. حاولت أن أتذكر تلك الملامح وتلك البشرة السمراء, فلم استطع.
ابتسم الشاب ابتسامة جميلة أضاءت وجهه المليح, ومد يده وهو يسرع لتقديم نفسه وليذكرني بالماضي البعيد.

" ألا تذكرينني منال؟؟ أنا مصطفى الرشيدي, كنا معا أيام الابتدائي والاعدادي"
" آه تذكرت.. أسفة أخي مصطفى فقد مضى وقت لم نتقابل فيه.. وملامحك قد تغيرت علي "
لاحظت أن حمرة الخجل اعتلت قسمات وجهه, ولكنني لم أقصد جرحه بكلامي, وبادرت بالاعتذار.
" لا عليك .. فأنا أيضا أصبحت أنسى كثيرا.. ويبدوا أن الشيخوخة تعلن قدومها مبكرا"
"لا عليك..كل منا كبر وتغير.. ولكن أرى أنك لم تتغيري كثيرا.. صحيح أنك كبرت وصرت فتاة جميلة..لكنني أرى ملامح تلك الطفلة الشقية بعد على وجهك"
كنت أبتسم وأنا أستمع اليه, فقد كان منجذب للماضي ومشتاق للغوص فيه, في حين كنت على عجلة من أمري, كنت أراقب الساعة بين حين وآخر. عندما حان موعد انصرافي ودعته وشكرته على صحبته القصيرة متمنية له التوفيق في مجال الكتابة الذي يعشقه. قبل أن أنصرف مد لي بطاقته وتمنى أن نبقى على اتصال مع بعض.

بعد ساعات من الدوام المستمر خرجت من مقر عملي باتجاه محطة القطار, كنت أتجه بسرعة كي ألحق بقطار الخامسة والربع, حتى لا أنتظر ربع ساعة أخرى وأتأخر على المحاضرة المسائية.

كنت أركض بسرعة نحو الطابق العلوي حين لمحته من خلف الزجاج, فتسمرت في مكاني, أحدق فيه في صمت وهو في طريقه نحو المحطة.
تركت القطار يمضي بدوني, لم أكن أرغب في اللحاق به هذه المرة, ففضلت الجلوس على الكرسي أتفحص الغادرين والوافدين الى الرصيف.شعرت بطرقات عصاه على الأرض, التفت نحوه لأراه يأخذ مكانه في ثقة كبيرة الى جانب تلك العجوز.
كنت أراقبه من بعيد وأنا أريد أن أفهم وأعرف سبب هذه الثقة بالنفس رغم عدم تبصيره لمن حوله, هل هو التعود على الطريق, أم أنه اعتمادا على العصا, أم أنه يملك الحاسة السادسة كما يحب البعض تسميتها؟!
عندما لمحت القطار يقترب وقفت واتجهت صوب الرصيف, كان اصراري على التحدث اليه ينمو بداخلي, وقررت أن أغتنم الفرصة وأجلس معه في القطار.
فلم تكن الشجاعة تنقصني لأبدأ الحديث مع غريب, فقد كسبت خبرة لابأس بها بسبب دراستي.


" مرحبا سيدي.. أنا أود الاعتذار لك عما بدر مني ذلك اليوم"
" آنستي.. لقد اعتذرت في نفس اليوم.. وكثرة الاعتذارات تفسد صدق القول"
"صحيح.. على العموم أنا يسعدني أن أتشرف بك سيدي.. اسمي منال ماجد"
" تشرفت آنستي.. ويبدو لي من اسمك أنك عربية"
" نعم سيدي ..هذا صحيح"
" لا داع لكلمة سيدي..أنا اسمي بيتر فان دايك"
" تشرفت سيد بيتر"
" هل أنت طالبة بجامعة لايدن؟"
"نعم..أتابع دراستي في المساء, لأني أشتغل طوال اليوم"
" هذا جيد آنستي..وماهي دراستك آنستي؟؟"
" اختصاصي..علم النفس "
رأيت ابتسامة عريضة ترتسم على وجهه الوسيم, ولكنني لم أفهم معنى تلك الابتسامة الا حين قال:
"ولماذا أخترت هذا المجال آنستي؟"
"طالما أحببت أن أفهم الناس, وكتب علم النفس استهوتني قرائتها, وقررت أن أغوص في هذا المجال أكثر."
"وهل كان عشقك بهذا القدر حتى يستحق كل هذا العناء منك؟ فأنا أعرف أن هذه الدراسة صعبة جدا, وقد يفقد الكثيرين توازنهن في الحياة الاجتماعية"
ابتسمت وأنا أتذكر أهم الأسباب لاختياري هذا الطريق بالذات.
" أعتذر اذا كان تدخلي وسؤالي تطفلا على حياتك الخاصة"
" لا سيد بيتر..نعم فعشقي للمعرفة ومعرفة أسرار البشر يكبر معي كل يوم"
" جميل جدا آنستي..هل لي بسؤال؟"
"تفضل"
"هل أنا من بين الأسرار التي تودين فهمها وكشف أعماقها؟"
"لم أفهم سيدي ماذا تقصد؟"
ابتسم وهو يرفع رأسه وكأنه يريد أن ينظر للسماء ويعانق الغيوم.
" أعرف أنك انتظرتيني ولم تأخذي قطار الخامسة والربع"
صعقت من كلامه, فقد كان ينطق بكل كلمة وهو متأكد منها تماما.
"أعترف أنني عندما لمحتك انتظرتك لأعتذر, ولكن كيف عرفت؟"
ابتسم مرة أخرى وفجأة لأول مرة أرى سحابة حزن تعلو قسمات وجهه.
" آنستي.. لقد أصبحت لاأرى بعيوني ولكنني مازلت أسمع وأشعر وأشم, ولو كما ذكرتي تودين الاعتذار لتقدمت الي ونحن في المحطة, ولن تنتظرين حتى تجلسي معي في القاطرة..."
واسترد:
"فصوت كعبك العالي لم أسمعه الا ونحن نهم بركوب القطار, مما يعني أنك كنت هنا قبل مجيئي, والقطار الأول سمعته يغادر المحطة وأنا في طريقي نحو الرصيف. أما فكيف عرفتك بسرعة وتذكرتك فاسألي عطرك المميز آنسة منال"
"سيدي ..معك كل الحق في كل كلمة قلتها لي, فلم أنتظر لأعتذر ولا من أجل كشف أسرارك. لقد تذكرت كلمة قلتها لي يومها ولم أستطيع نسيانها طوال الأسبوع"
"أعرف..عندما قلت لك أن غضبك كان أقوى من صراخك على شخصي.."

سكت فقد كنت أشعر أنني أمام شخصية غامضة ومميزة, فكيف له أن يكتشف غضبي بمجرد كلمات سمعها مرة واحدة, أو بالأحرى كيف له أن يشعر بهذا الغضب وأنا نفسي كنت أتجاهله طوال اليوم؟!

"هل استغربت آنستي كيف عرفت وشعرت بغضبك؟؟"
بماذا أرد عليه, هل أعترف بشكوكي لهذا الرجل الغامض, أم أتجاهل الصدق الذي هو كل ماأملك .
" آنسة منال..أنا أستاذ جامعي في جامعة أتريخت, أنا برفسور بجامعة أتريخت..اختصاصي كشف أعماق البشر..وهو نفس اختصاصك آنستي"
" هذا يفسر الكثير من غموضك"
لأول مرة أسمع صدى ضحكته الرنانة.
" هل كنت حقا غامضا بالنسبة اليك؟"
" شيئا ما سيد بيتر..وهذا يفسر ارتباطك بالأستاذة هلين أيضا"
" نعم.. وقد درسنا معا أيام الجامعة, وشاءت الأقدار أن نمكث معا حتى بعد تخرجنا"
استغربت من كلمة القدر, فهل يؤمن هذا النصراني والأروبي بالقدر.
" مابك سكتي آنستي؟؟"
" بصراحة.. أستغرب من كلمة القدر, فكيف تؤمن بالقدر وأنت غير مسلم؟"
" آنستي .. ولما الاستغراب اذا كنت أؤمن بما يصدقه عقلي والمنطق؟"
واسترد:
" أنا أؤمن بالكتب السماوية بما فيها من صدق وأسرارعن الحياة, والقرآن يوجد فيه مالا أجده في كتب أخرى"
" اذا تعترف سيد بيتر أن القرآن معجزة من الله ؟"
" أكيد وأؤمن بأن كتابكم هذا سيساعد كثيرا في مجال علم النفس"
" أولا هذا ليس كتابنا سيد بيتر بل هو كتاب الله, ثانيا وهذا صحيح فهو خير دواء لكل داء"
" ربما آنستي... فهذا دينكم وكتاب الاهكم وأنتم أدرى به مني"

أعلن مكبر الصوت وصول القطار الى محطتي, فاستأذنت منه وغادرت المكان.


وفي طريقي الى موقف السيارات, كنت أتذكر كلامه, فقد كان عندي احساس قوي بأنه عاش فترة ما بدولة اسلامية, وقررت أن يكون لحديثنا بقية.<!-- / message -->

http://www.dar4arab.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

مواضيع مماثلة

-

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى